الأربعاء، 13 أبريل 2011

كيف نحافظ على الماء

إن الماء ضروري للحياة، ولا غنى عنه لجميع الكائنات الحية، حيث يشكل 99% من جسم >الميد يوزارا< و97% من وزن الطفل الرضيع، و60 ـ 80% من وزن الرجل البالغ و59% من وزن الخيار والخس والهليون، وأن نقصاً قدره 10 ـ 20 من الماء الموجود في جسم الإنسان أو الحيوان قد يؤدي إلى الموت·




وثمة مؤشر من معهد الرقابة العالمي >World watchinstitute<، حيث تشير الكاتبة >سندرا بوستل< في كتابها الصادر حديثاً الذي عنوانه: >أعمدة الرمال< >pillor of sand: Can the lrrigation Miracle last?<·



إن انتشار نقص موارد المياه تهدد بنقص الغذاء العالي بنحو 10% سنوياً(2)، ما يعادل فقدان نحو 160 بليون متر مكعب من المياه، وفي حال عدم مواجهة هذا التناقص في المياه، فإن المجاعات وعدم الاستقرار والأمن وحتى الحروب قد تقوم بسبب المياه، هذا من جهة، وقد تكون المياه سبباً في تهديد الحياة ـ مرة ثانية ـ إذا كان ملوثاً، نظراً لكثرة الأمراض التي ترتبط بتلوث المياه سواء عن طريق فضلات الإنسان والحيوان، أو لمجرد التلامس مع الماء، أو عدم اتباع الشروط الصحيحة في تأمين الماء، وقد يكون تلوث المسطحات المائية بمياه الصرف الصحي سبباً رئيساً للأمراض التي تنتقل بوساطة الماء·



ثمة سؤال يلوح في الأفق





كيف نحافظ على الماء من التلوث، حتى يصبح الماء عاملاً أساسياً في استقرار الحياة لا سبباً في تهديدها، إذا كان ملوثاً؟! وما موقف الإسلام من تلوث الماء؟!



وحتى لا يكون الماء سبباً في انتشار الأمراض أو الإخلال بالتوازن البيئي للمسطحات المائية، فلابد من اتخاذ كل الإجراءات لحمايتها، ومن جملة هذه الإجراءات التي تهدف إلى الإبقاء على الماء في حال كيمياوية وطبيعية وبيولوجية جيدة بحيث لا تسبب ضرراً للإنسان والحيوان والنبات، وأهمها ما يلي:



أولاً: بناء المنشآت اللازمة لمعالجة المياه الصناعية الملوثة ومياه الصرف الصحي والمدابغ والمسالخ وغيرها، وذلك قبل صرفها في المسطحات المائية، والعمل على عدم صرف المياه غير المعالجة أو المرتفعة درجة الحرارة إلى المسطحات المائية·



ثانياً: مراقبة المسطحات المائية المغلقة كالبحيرات وغيرها من تراكم الطين والمواد العضوية المختلفة التي تقلل من عمقها وتتسرع من عملية التشبع الغذائي مما يحدث خللاً في توازنها البيئي، وذلك بإيقاف عمليات انجراف التربة، وتخفيف حدة السيول السطحية··



ولكن!··· ثبت علمياً أن أفضل الوسائل لتحقيق المطلوب ـ ذلك، وهو تشجير المناطق المحيطة بالمسطحات المائية·



ثالثاً: العمل على إحاطة المناطق التي تستخرج منها المياه الجوفية المستعملة لإمداد التجمعات السكانية بحزام أخضر يتناسب مع ضخامة الاستهلاك، ويمنع في حدود هذا الحرم الزراعة أو البناء أو شق الطرق العامة، كما يشجر بالأشجار المناسبة·



رابعاً: العمل على حماية فوهات الينابيع بغية عدم تعرضها للتلوث بالقرب من فوهاتها، ومن إجراءات الحماية، القيام ببناء حجرة اسمنتية فوق متحرج الماء على أن تحاط الحجرة بمجرى لصرف مياه الانسياب السطحي، وذلك للحيلولة دون وصولها إلى مياه النبع، مع تشجير حرم النبع بالأشجار المناسبة·



خامساً: سن القوانين التي تحدد المستويات المختلفة للملوثات التي قد تضر أو تنقص من صلاحية المسطحات المائية إذا ألقيت فيها هذه الملوثات·



وإضافة لما تقدم، يجب أن تتضمن القوانين مواصفات(3) مياه الصرف الصحي ومياه مخلفات المصانع وغيرها قبل أن تلقى في المسطحات المائية·



سادساً: العمل على وضع مواد ذات الخاصية الواجب توافرها في المياه تبعاً للغاية المستخدمة من أجلها·



سابعاً: الاهتمام بمياه الأنهار وشبكات الري والصرف والبحيرات والمياه الساحلية والعمل على رصد تلوثها من جهة وحمايتها من التلوث الكيمياوي ولا سيما المبيدات الكيمياوية والمواد السامة التي يمكن أن تتراكم في أنسجة الكائنات الحية·



ثامناً: السعي إلى توسيع عمل مخابر التحليل الكيمياوية والحيوية الخاصة بمراقبة تلوث الماء، وإجراء تحاليل دورية للمياه للوقوف على نوعيتها·



تاسعاً: العمل على تطوير التشريعات الخاصة بالمحافظة على الماء في التلوث وإحكام الرقابة على تطبيق تلك اللوائح بدقة وحزم·



عاشراً: يجوز استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها في ري الأراضي الزراعية القريبة من المدن، ضمن الشروط التالية:



أ ـ يشترط أن تكون الأراضي المقرر ريها بعيدة عن المدن مسافة لا تقل عن 3 كيلومترات· ب ـ أن تكون ترتبها خفيفة أو شبه رملية، حتى لا تنسد مساماتها وتصبح غير قادرة على امتصاص الماء، وبالتالي تصبح مستنقعات مهيأة لانتشار البعوض·



جـ ـ يشترط عدم زراعة الخضار أو المحاصيل التي تؤكل نيئة في الأراضي المقرر ريها بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها·



الماء من منظور إسلامي



لا شك أن المحافظة على الماء، يعد أساس الحياة ومصدر كل شيء، يقول الله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء:30، فالنبات والحيوان والإنسان يرتبط وجودهم بوجود الماء، واستمرار حياتهم متوقف على توافر الماء، قال تعالى: (وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها) البقرة:164، وقال تعالى: (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء) الأنعام:99، وأكد تعالى على أهمية الماء للإنسان، لما لهذا المورد من تقدير وأهمية: (أفرأيتم الماء الذي تشربون· أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون· لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون) الواقعة:68ـ70·



لذا تجب محاربة كل المحاولات التي تهدف إلى الإسراف والتبذير والتسرب للمياه، وعدم تلوث المياه، لأن التلوث ـ بحد ذاته ـ تعطل وظيفة الماء في كونه أساس الحياة··· مما شدد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على التحذير من الإفساد، في دعوته للمحافظة على سلامة البيئة، ويتجلى ذلك في حديثه الداعي إلى المحافظة على نقاوة المياه وطهارتها، وعدم إلقاء القاذورات والمخلفات والبقايا فيها، باعتبار أن الماء أساس الحياة، مما جاءت أوامره صلى الله عليه وسلم، ناهية عن أن يُبال في الماء الراكد، ذكر ذلك صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: >لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل فيه<، ولا في الماء الجاري ولا في أماكن الظل باعتبارها أماكن يركن إليها المارة للراحة من وعثاء السفر، وعناء المسير، وربما لأن الشمس لا تدخلها فلا تتطهر فتصبح محط الأوبئة وموضع الأمراض، فقال في حديثه صلى الله عليه وسلم: >اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس<·



الهوامش



1 ـ >الميديوزا< Medusa حيوانات سابحة أغلبها بحرية هلامية شفافة لها شكل شبيه بالمظلة·



2 ـ التربة مسرح الحياة والماء دمها المتدفق··· >ما قاله العالم فنلنسكي عام 1957م عن أهمية الماء·



3 ـ أن تتضمن هذه المواصفات عدداً من الخواص الطبيعية والكيمياوية والبيولوجية، وأهمها: الأكسجين الحيوي المستهلك (B.O.D) والحموضة (PH) ودرجة الحرارة·





هناك تعليق واحد: